Telegram Group & Telegram Channel
كل على ثغرة في صناعة المجد:
إعداد حسن الكنزلي.


محاور الخطبة:
■ المقدمة
■ التنوع في أدوار الصحابة
■ مفهوم "الثغر" في الإسلام
■ أمثلة واقعية معاصرة على الثغور
■ التكامل لا التنافس
■ أهمية الإخلاص في سد الثغور
■ حال الأمة اليوم... وتعدد الثغور
■ دعوة للعمل وتحمل المسؤولية
■ خاتمة

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي خلق؛ فسوى، والذي قدر؛ فهدى، وأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
وأوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ [النساء: 131].
وبعد:

■ فإن ديننا ليس دين فردٍ يعتزل، ولا جماعةٍ تنفصل، ولا طبقةٍ تتسلّق؛ بل هو دين الأمة كلها، دين الشمول والتكامل والتوازن، دينٌ جعل لكل مسلم موضعا، ولكل موضعٍ رسالة، ولكل رسالةٍ ثوابا عظيما عند الله سبحانه.
ليس في هذا الدين عبث، ولا في أدواره تفاضل مذموم؛ بل هو تكاملٌ مبارك، وتوزيع رباني للوظائف؛ فمنهم من يُعَلِّم، ومنهم من يُجاهد، ومنهم من يُنفق، ومنهم من يُدبّر، وكلٌّ في مضمار الخدمة لدين الله.
قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نُّوَفِّيَهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [هود: 111]، وقال جل شأنه: ﴿كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ [الإسراء: 20].
فلا ينبغي لمسلمٍ أن يحتقر دوره، ولا أن يتكبر على دور غيره، فإنما يُوزن الناس عند الله بالنية والإخلاص؛ لا بالمقام والمظهر.
■ أيها الإخوة المؤمنون، تأملوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم أعظم أمةٍ عرفها التاريخ بعد الأنبياء؛ لا لأنهم اجتمعوا على صورة واحدة؛ بل لأنهم اجتمعوا على الحق، وتنوّعت أدوارهم في خدمته:
- هذا خالد بن الوليد -سيف الله المسلول- فتح الله به بلادا، وأرهب به أعداءه، حتى قال فيه عمر: "عجزت النساء أن يلدن مثل خالد".
- وهذا حسان بن ثابت -شاعر الرسول- وقف بثباتٍ في معركة الكلمة، وقال له النبي ﷺ: «اهجُهم وروح القدس معك» [البخاري: 6153].
- وهذا عثمان بن عفان؛ جهّز جيش العسرة بماله، فبلغت نفقته آلافا؛ فقال النبي ﷺ: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم» [الترمذي: 3701، وصححه الألباني].
- وهذا أُبي بن كعب؛ رجلٌ من حملة القرآن، أمر النبي ﷺ الصحابة أن يقرأوا عليه القرآن، وقال له: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة» [صحيح مسلم: 799].
- وهذا علي بن أبي طالب؛ لما برز مرحبُ خيبر، قال النبي ﷺ: «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» [البخاري: 3702]، فكان الفتح على يديه.
- وهذا أبو بكر الصديق؛ بذل ماله كله لتحرير بلال وامثاله، وقال فيه النبي ﷺ: «ما نفعني مالُ أحدٍ ما نفعني مال أبي بكر» [الترمذي: 3661، وصححه الألباني].
فكلٌّ منهم على ثغر، وكلٌّ منهم أقام شرع الله من موقعه، وما كان لسيف علي أن يُحرر عبدا، كما لم يكن لمال أبي بكر أن يقتحم الحصون، فكل مقامٍ له رجاله.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "الناس في الأعمال كأعضاء البدن؛ فالرأس لا يغني عن اليد، ولا اليد عن الرِّجل، وكلٌ في موضعه كامل" [مدارج السالكين 2/87].

■ يا أهل الإسلام الثغر في لغة: الموضع الذي يُخشى أن يُهاجم منه العدو، واصطلاحا: كل موضعٍ في الأمة يمكن أن يُؤتى الإسلام من قبله؛ سواء في العلم أو الجهاد أو التربية أو الاقتصاد أو التربية أو الإعلام.
وقد قال ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» [البخاري: 893]، فكلٌّ راعٍ على ثغره، وعليه أن يحرسه بإخلاص، ويحميه من الانهيار.
فالأم في بيتها على ثغر، تربي رجال الغد، والمعلّم في مدرسته على ثغر، يصنع الوعي ويؤسس العقيدة، والداعية في منبره على ثغر، يرد الشبهات ويثبت القلوب، والتاجر في سوقه على ثغر، يقيم العدل ويُطعم المحتاجين، والمجاهد على ثغره، يدافع عن الأمة.
ولا تحقرن من المعروف شيئًا، فإن الله لا ينظر إلى الأجسام ولا إلى الصور، وإنما ينظر إلى القلوب والأعمال، كما قال ﷺ: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [مسلم: 2564].
قال ابن تيمية رحمه الله: "المؤمن القوي في ثغره، خيرٌ من ألف ضعيف لا يعرف موضعه" [الفتاوى الكبرى 6/11].

أيها الإخوة الأحبة، إذا أقام كل واحدٍ منا نفسه حيث أقامه الله، وسدَّ ثغره بإخلاصٍ وجُهد؛ اجتمعت اللبنات، وبُني سور الأمة، وعاد مجدها كما كان.



tg-me.com/ZADI2/54544
Create:
Last Update:

كل على ثغرة في صناعة المجد:
إعداد حسن الكنزلي.


محاور الخطبة:
■ المقدمة
■ التنوع في أدوار الصحابة
■ مفهوم "الثغر" في الإسلام
■ أمثلة واقعية معاصرة على الثغور
■ التكامل لا التنافس
■ أهمية الإخلاص في سد الثغور
■ حال الأمة اليوم... وتعدد الثغور
■ دعوة للعمل وتحمل المسؤولية
■ خاتمة

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي خلق؛ فسوى، والذي قدر؛ فهدى، وأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
وأوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ [النساء: 131].
وبعد:

■ فإن ديننا ليس دين فردٍ يعتزل، ولا جماعةٍ تنفصل، ولا طبقةٍ تتسلّق؛ بل هو دين الأمة كلها، دين الشمول والتكامل والتوازن، دينٌ جعل لكل مسلم موضعا، ولكل موضعٍ رسالة، ولكل رسالةٍ ثوابا عظيما عند الله سبحانه.
ليس في هذا الدين عبث، ولا في أدواره تفاضل مذموم؛ بل هو تكاملٌ مبارك، وتوزيع رباني للوظائف؛ فمنهم من يُعَلِّم، ومنهم من يُجاهد، ومنهم من يُنفق، ومنهم من يُدبّر، وكلٌّ في مضمار الخدمة لدين الله.
قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نُّوَفِّيَهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [هود: 111]، وقال جل شأنه: ﴿كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ [الإسراء: 20].
فلا ينبغي لمسلمٍ أن يحتقر دوره، ولا أن يتكبر على دور غيره، فإنما يُوزن الناس عند الله بالنية والإخلاص؛ لا بالمقام والمظهر.
■ أيها الإخوة المؤمنون، تأملوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم أعظم أمةٍ عرفها التاريخ بعد الأنبياء؛ لا لأنهم اجتمعوا على صورة واحدة؛ بل لأنهم اجتمعوا على الحق، وتنوّعت أدوارهم في خدمته:
- هذا خالد بن الوليد -سيف الله المسلول- فتح الله به بلادا، وأرهب به أعداءه، حتى قال فيه عمر: "عجزت النساء أن يلدن مثل خالد".
- وهذا حسان بن ثابت -شاعر الرسول- وقف بثباتٍ في معركة الكلمة، وقال له النبي ﷺ: «اهجُهم وروح القدس معك» [البخاري: 6153].
- وهذا عثمان بن عفان؛ جهّز جيش العسرة بماله، فبلغت نفقته آلافا؛ فقال النبي ﷺ: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم» [الترمذي: 3701، وصححه الألباني].
- وهذا أُبي بن كعب؛ رجلٌ من حملة القرآن، أمر النبي ﷺ الصحابة أن يقرأوا عليه القرآن، وقال له: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة» [صحيح مسلم: 799].
- وهذا علي بن أبي طالب؛ لما برز مرحبُ خيبر، قال النبي ﷺ: «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» [البخاري: 3702]، فكان الفتح على يديه.
- وهذا أبو بكر الصديق؛ بذل ماله كله لتحرير بلال وامثاله، وقال فيه النبي ﷺ: «ما نفعني مالُ أحدٍ ما نفعني مال أبي بكر» [الترمذي: 3661، وصححه الألباني].
فكلٌّ منهم على ثغر، وكلٌّ منهم أقام شرع الله من موقعه، وما كان لسيف علي أن يُحرر عبدا، كما لم يكن لمال أبي بكر أن يقتحم الحصون، فكل مقامٍ له رجاله.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "الناس في الأعمال كأعضاء البدن؛ فالرأس لا يغني عن اليد، ولا اليد عن الرِّجل، وكلٌ في موضعه كامل" [مدارج السالكين 2/87].

■ يا أهل الإسلام الثغر في لغة: الموضع الذي يُخشى أن يُهاجم منه العدو، واصطلاحا: كل موضعٍ في الأمة يمكن أن يُؤتى الإسلام من قبله؛ سواء في العلم أو الجهاد أو التربية أو الاقتصاد أو التربية أو الإعلام.
وقد قال ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» [البخاري: 893]، فكلٌّ راعٍ على ثغره، وعليه أن يحرسه بإخلاص، ويحميه من الانهيار.
فالأم في بيتها على ثغر، تربي رجال الغد، والمعلّم في مدرسته على ثغر، يصنع الوعي ويؤسس العقيدة، والداعية في منبره على ثغر، يرد الشبهات ويثبت القلوب، والتاجر في سوقه على ثغر، يقيم العدل ويُطعم المحتاجين، والمجاهد على ثغره، يدافع عن الأمة.
ولا تحقرن من المعروف شيئًا، فإن الله لا ينظر إلى الأجسام ولا إلى الصور، وإنما ينظر إلى القلوب والأعمال، كما قال ﷺ: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [مسلم: 2564].
قال ابن تيمية رحمه الله: "المؤمن القوي في ثغره، خيرٌ من ألف ضعيف لا يعرف موضعه" [الفتاوى الكبرى 6/11].

أيها الإخوة الأحبة، إذا أقام كل واحدٍ منا نفسه حيث أقامه الله، وسدَّ ثغره بإخلاصٍ وجُهد؛ اجتمعت اللبنات، وبُني سور الأمة، وعاد مجدها كما كان.

BY زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 283

Share with your friend now:
tg-me.com/ZADI2/54544

View MORE
Open in Telegram


زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

That strategy is the acquisition of a value-priced company by a growth company. Using the growth company's higher-priced stock for the acquisition can produce outsized revenue and earnings growth. Even better is the use of cash, particularly in a growth period when financial aggressiveness is accepted and even positively viewed.he key public rationale behind this strategy is synergy - the 1+1=3 view. In many cases, synergy does occur and is valuable. However, in other cases, particularly as the strategy gains popularity, it doesn't. Joining two different organizations, workforces and cultures is a challenge. Simply putting two separate organizations together necessarily creates disruptions and conflicts that can undermine both operations.

How Does Bitcoin Mining Work?

Bitcoin mining is the process of adding new transactions to the Bitcoin blockchain. It’s a tough job. People who choose to mine Bitcoin use a process called proof of work, deploying computers in a race to solve mathematical puzzles that verify transactions.To entice miners to keep racing to solve the puzzles and support the overall system, the Bitcoin code rewards miners with new Bitcoins. “This is how new coins are created” and new transactions are added to the blockchain, says Okoro.

زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي from us


Telegram زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚
FROM USA